الفصل الثالث         

الصفحة الماضية

انبياء الله عليهم السلام

الانبياء والامم السابقة

 

  

92ـ العبيد يصبحون ملوكا  

مر النبي يوسف (ع) يوماً مع مجموعة من عبيده على زليخا وهي جالسة الى جنب النفايا. فعندما انتبهت الى يوسف (ع) قالت: الحمد لله الذي يجعل الملوك عبيداً بذنوبهم ويجعل العبيد ملوكاً بطاعتهم.

ثم قالت:

يايوسف! أحسن إليّ فانا فقيرة.

قال يوسف (ع):

الكفران آفة النعمة. عصيتي الله فسلب منك النعمة. فارجعي الى الله وتوبي! لتمحى عنك آثار الذنوب. فان قبول الدعاء يحتاج الى طهارة القلب.

قالت زليخا:

لقد خلعت لباس المعصية. ولن اعصي بعد ذلك, ولكني استحي من الله أن يتلطف عليّ. لان دموعي لم تنفذ لحد الآن وجسمي لم يؤد حق الندامة.

قال يوسف (ع):

اسعي مادام باب التوبة مفتوحاً قبل أن تفوت الفرصة ولا تنفع بعدها الندامة.

قالت زليخا:

انا ايضاً اقول ذلك, وسيصلك خبر توبتي.

فأمر يوسف(ع) باعطائها كيلاً من الذهب.

قالت زليخا:

يكفيني طعام يوم واحد, فمالم امر بالشدائد لااعرف معنى النعمة.

فقال احد ابناء يوسف (ع):

يا ابتاه ! من هذه المرأة؟ فلقد رق قلبي لحالها.

قال: انها امراة وقعت في فخ الانتقام.

ثم تزوج يوسف (ع) من زليخا فوجدها بكراً.

سألها:

لماذا انت بكر؟ فانت متزوجة منذ سنين؟

اجابت:

ان زوجي عنين ولم يكن بامكانه أن يقاربني(1).

  

93ـ حديث سليمان (ع) مع النملة  

وهب الله تعالى لسليمان ملكاً عظيماً, فقد سخر لـه الجن والرياح وعلمهُ منطق الطير.

و في احد الاسفار لسليمان مع جنوده من الجن والانس والطير مرّوا بوادي النمل.

قالت نملة يبدو انها كانت تتصدر زعامة النمل:

]ادخلو مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده[(2)

فسمع سليمان كلامها فامر باحضار النملة, فقال سليمان(ع):

الاتعلمين اني نبي الله ولااظلم احداً؟

قالت النملة:

نعم! اعلم.

قال سليمان (ع):

لماذا خفتي وامرتي النمل أن يختبئوا الى مساكنهم.

قالت النملة:

اني خفت أن يرى النمل ملكك, وزينة الحياة الدنيا, فيصدها ذلك عن الله, وتعبد غيره.

ثم قالت:

ياسليمان! لماذا سخر لك الرياح من بين كل القدرة

قال سليمان:

لااعلم.

قالت النملة:

كي تعلم أن لو سخر لك العالم باجمعه كما سخرت لك الرياح فانه لايدوم لك وكله يحمل على الرياح(3).

  

94ـ قصة الزوجات الثلاث  

كان رجل من بني اسرائيل عاقل وثري وكان عنده ثلاثة أولاد احدهما من امرأة صالحة فكان يشبه اباه والاثنان الباقيان من امرأة غير صالحة.

فعندما حضرته الوفاة قال لاولاده:

ان جميع اموالي لواحد منكم فقط.

و بعد وفاة الاب ادعى الابن الاكبر أن الاب يقصده.

قال الثاني:

بل كان يقصدني, وقال الصغير بل يقصدني

ولحل النزاع ترافعوا الى القاضي.

قال القاضي:

اني لا املك من المعرفة شيئاً احل به مشكلتكم, اذهبوا الى ثلاثة اخوان من قبيلة بني غنام ليقضوا بينكم.

ذهب الاخوة الثلاثة الى أحد اخوان بني غنام وكان شيخاً هرماً وعاجزاً فقصوا عليه حكايتهم.

فاجابهم:

اذهبوا الى اخي الذي هو اكبر مني سناً.

فذهبوا الى أخيه فرأوه غير مسن واصغر من الاول فارشدهم هذا ايضاً الى اخيه الاكبر.

فرأوه اصغرمن الاثنين فسألوه عن حالهم ( كيف أن الاصغر يبدو عليه الكبر أكثر من الاكبر؟)

ثم سألوه عن مشكلتهم.

فاجابهم:

ان اخي الاصغر الذي رأيتموه اولاً كانت عنده زوجة سيّئة تؤذيه وكان صابراً عليها خوفاً من أن يُبتلى ببلاء غيره فلايستطيع أن يصبر عليه لذلك ترونه كبيراً.

اما اخي الثاني فكانت عنده زوجه تؤذيه احياناً وتريحه احياناً لذلك فهو اصغر من الاول. اما انا فعندي زوجة تطيعني دائماً وتسرني فلذلك احتفظت بشبابي.

اما بالنسبة الى خلافكم فاذهبوا الى ابيكم واخرجوه من قبره واحرقوا عظامه ثم ارجعوا لاقضي بينكم واميز الحق من الباطل.

ذهب الاخوة الثلاثة بمعاولهم الى المقبرة ليحفروا قبر ابيهم.

قال الولد الاصغر:

لاتحفروا قبر ابيكم فانا اعطيكم سهمي.

فرجعوا الى القاضي واخبروه بذلك.

فقال القاضي:

هذا يكفي للحكم بينكم, اذهبوا وأتوني بالمال.

قال الامام محمد الباقر (ع):

عندما جاءوا بالمال قال القاضي للولد الاصغر‍:

هذا المال لك, لانهما لو كانا ولديه لاستحيا مثلك من حفر قبر ابيهما(4).

 

95ـ غضب الله على المسيئين  

اوحى الله عزوجل الى شعيب(ع):

اني معذب مئة الف من قومك اربعون الف منهم مسيئين والباقي محسنين.

قال شعيب (ع):

الهي! المسيئين بذنوبهم, اما المحسنين فلماذا؟

قال الله عزوجل:

لان المحسنين لم ينكروا على المسيئين ولم يغضبوا لغضبي(5).

 

96ـ الاعتبار بالموت  

مر الاسكندر, ذو القرنين في احد اسفاره الطويلة, بقوم مؤمنين كانوا من اتباع النبي موسى (ع) يعيشون بامان ويحكمهم العدل والسلام . فقال لهم:

ايها الناس! لقد جبت مشارق الارض ومغاربها, البحار والصحاري النور والظلم, فلم اجد مثلكم اخبروني! لماذا قبوركم قرب منازلكم؟!

قالوا: كي لاننسى الموت ونتذكره دائماً.

قال: لماذا لا توجد ابواب لبيوتكم؟

قالوا: لانه لايوجد عندنا سرّاق

قال: لماذا لايوجد عندكم حاكم؟

قالوا: لاننا لايُظلم عندنا أحد.

فقال الاسكندر: ايها الناس هل كان آباءكم مثلكم؟

قالوا: كان آباؤنا يرحمون المساكين ويعينون الفقير ويعفون عمن ظلمهم ويستغفرون الله لـه, ويصلون الرحم ويؤدون الامانة الى أهلها, فلذلك اصلح الله امورهم.

فاحبهم ذوالقرنين وبقي معهم حتى توفي(6).

 

97ـ موعظة من المذنب  

جاء رجل الى النبي عيسى (ع) فقال لـه: يانبي الله! زنيتُ فطهرني.

فامر عيسى(ع) ان يحضر جميع الناس فحفروا له حفرة ليرجمونه فيها فلما حضر الناس ليشهدوا عذابه قام الرجل ونزل في الحفرة وصاح باعلى صوته:

ايها الناس من كان عليه حد فلا يحق لـه أن يشهد عذابي.

فتفرق الناس حتى لم يبق سوى النبي عيسى (ع) والنبي يحيى (ع) فدنى النبي يحيى (ع) من الرجل وقال لـه:

ايها المذنب! عظنا!

قال الرجل: يايحيى! اياك أن تستجيب لهوى نفسك فان عاقبة ذلك الندم والشقاء.

قال يحيى (ع): عظنا موعظة اخرى!

قال الرجل: لاتلم المذنب بذنبه بل فكر في اصلاحه.

قال يحيى(ع): عظنا ثالثة!

قال الرجل: لاتغضب.

فقال يحيى (ع): تكفينا مواعظك(7).

 

98ـ لقمة بلقمة  

اصاب بني اسرائيل احدى السنين قحط شديد وكانت هناك امرأة عندها كسرة من الخبز وضعتها في فمها تريد ان تأكلها فناداها مسكين:

ياأمة الله انا جائع!

فقالت المرأة مع نفسها: من الافضل أن اتصدق بهذه اللقمة.

فاخرجتها من فمها واعطتها للمسكين.

وفي احد الايام ذهبت هذه المرأة الى الصحراء واخذت معها طفلها الصغير وضعته جانباً واخذت تجمع الحطب فجاءه الذئب وحمله بين اسنانه وهرب. أخذت الام والناس يلاحقون الذئب لكنهم لم يتمكنوا أن يمسكوا به وتمكن من الفرار, فبعث الله ملكاً فخلص الطفل من الذئب وارجعه الى امه وقال لها:

هل رضيتي, لقمة بلقمة؟ اعطيتي لقمة خبز واخذتي لقمة طفل(8)

99ـ لاالمال يبقى ولا الاولاد  

عن ابي عبدالله (ع) انه قال: كان فيما وعظ به لقمان ابنه:

يابني! ان الناس قد جمعوا قبلك لاولادهم فلم يبق ماجمعوا ولم يبق من جمعوا لـه. وانما انت عبد مستأجر قد امرت بعمل ووعدت عليه اجراً فاوف عملك واستوف اجرك.

ولاتكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فاكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها ولكن الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جنرت عليها وتركتها ولم ترجع اليها آخر الدهر اخربها ولا تعمرها فانك لم تؤمر بعمارتها.

واعلم انك تسئل غدا اذا وقفت بين يدي الله عزوجل عن اربع: شبابك فيم ابليته, عمرك فيم افنيته, ومالك مما اكتسبته وفيم انفقته فتاهب لذلك وأعدْلهُ جواباً. ولاتأس على مافاتك من الدنيا فان قليل الدنيا لايدوم بقاءه وكثيرها لايؤمن بلاءه. فخذ حذرك وجد في امرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك واكمش في فراقك قبل ان يقصد قصدك ويقضي قضائك ويحال بينك وبين ماتريد(9).


(1) بحارالانوار: ج12, ص254.

(2) سورة التوبة الآية18.

(3) بحارالانوار: ج14, ص92.

(4) بحارالانوار: ج14, ص490و ج103, ص233 وج104, ص296.

(5) بحارالانوار: ج23, ص153.

(6) بحارالانوار: ج12, ص179 على نحو الاختصار.

(7) بحارالانوار: ج14, ص188.

(8) بحارالانوار: ج96, ص123.

(9) بحارالانوار: ج13, ص425.

عنوان الکتاب