آية الله العظمى السيد محسن الأمين (قدس سره)
(1284 ـ 1371 هـ)

اسمه ونسبه:

هو السيد محسن بن السيد عبدالكريم بن السيد علي بن السيد محمود الأمين. حيث ينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة بن زيد الشهيد بن الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وآل الأمين عشيرة في العراق أصلها من مدينة الحلة الفيحاء، كانت تعرف قبل ذلك بقشاقش أو قشاقيش. ثم عرفت العشيرة باّل الأمين نسبة إلى السيد محمد الأمين. فيقال لذريته آل الأمين.

ولادته ونشأته:

ولد السيد محسن الأمين في قرية شقراء عام 1284 هـ   في عائلة متدينة علمية صالحة تحفه رعاية والده التقيّ الصالح الصوّام القوّام البكّاء من خشية الله السيد عبدالكريم. وتحتضنه امه ابنة العالم الصالح الشيخ محمد حسين فلحة الميسي التي كانت من فضليات نسائها، عاقلة صالحة ذكية مدبّرة عابدة مواظبة على الاوراد والادعية.

دراسه :

عندما بلع الخامسة أو السادسة من عمره , قامت الفاضلة أمه بتعليمه القرآن الكريم , ثم أتقن الخط العربي بمدة و جيزة .

وبعد تعلمه القرآن الكريم والكتابة شرع في تعليم علم النحو فابتدأ بحفظ الاجرومية واعرابها وأمثلتها فكان يحفظ الدرس والدرسين على الغيب ويتلوها غيباً لتبقى ثابته في فكره. ثم بعد الاجرومية بدأ بقراءة قطر الندى لابن هشام وشرح التفتازاني في التصريف، على السيد محمد حسين الأمين.

وبعد إكمال قراءة كتب اللغة والنحو، درس عند الشيخ موسى شرارة حينما جاء من العراق وأنشأ مدرسة لأهل العلم يدرّس فيها علوم العربية من نحو وصرف وبيان وعلم المنطق وعلمي الاصول والفقه. واستمر في الدراسة عند الشيخ شرارة حتى توفي الشيخ موسى شرارة ولم يكمّل الأمين في دراسته مبحث الاستصحاب في المعالم.

وبقي يدرس إلى عام 1308 هـ حيث سافر إلى العراق رغم ظروفه الصعبة واعتناءه بوالده الذي ضرّه الزمن، ونزل النجف الاشرف وشرع في الدراسة هناك حيث أن الدراسة في مدرسة النجف الاشرف كانت قسمين: الاول: تدريس السطوح، والثاني: تدريس الخارج.

مشايخه:


1 ـ في جبل عامل:
     أ ـ ابن عمه السيد محمد حسين بن السيد عبد الله.
     ب ـ السيد جواد مرتضى.
     ج ـ السيد نجيب الدين فضل الله العاملي.
     د ـ الشيخ موسى شرارة.
2 ـ في النجف:
     أ ـ السيد علي بن السيد محمود.
     ب ـ السيد أحمد الكربلائي.
     ج ـ الشيخ محمد باقر النجم آبادي.
     د ـ الشيخ فتح الله ( شيخ الشريعة ).
     هـ ـ الشيخ محمد كاظم الخراساني ( صاحب الكفاية ).
     و ـ الشيخ رضا الهمداني ( صاحب مصباح الفقيه ).
     ر ـ الشيخ محمد طه نجف / في بحث الخارج.

تلامذته:

عديدون، منهم:
1 ـ السيد حسن بن السيد محمود ( ابن عمه ).
2 ـ السيد محمد مهدي السيد حسن آل ابراهيم العاملي.
3 ـ الشيخ منير عسيران.
4 ـ السيد امين بن السيد علي احمد العاملي.
5 ـ الشيخ علي بن الشيخ محمد مروة العاملي.
6 ـ الشيخ عبد اللطيف شبلي العاملي.
7 ـ الاستاذ أديب النقي الدمشقي.
8 ـ الشيخ مصطفى خليل الصوري.
9 ـ الشيخ خليل الصوري.
10 ـ الشيخ علي الصوري.

عودته إلى سوريا:

بعد أن استكمل علومه في النجف الاشرف عاد إلى سوريا لارشاد قومه إلى ما يتطلبه الدين من تعاليم واخلاق وإنذارهم عواقب ترك الدين والتهافت على الدنيا، فاستقر في دمشق واصبح جامعة كبيرة لوحده، فانشأ جيلاً جديداً كان معه حرباً على ما أورثته الاجيال والسياسات المضللة الغاشمة من بدع وخرافات وأساطير شوهت محاسن الإسلام وقوّضت سلطان المسلمين.

لقد طالب بالتعليم وتنوير الافكار ومحاربة البدع والانحرافات، ولا يتم ذلك إلا بالتعليم بالتعليم ففتح المدارس، وأسس مدرسة للبنات في الوقت الذي كان الكثيرون يتحرجون في تعليم الصبيان فكيف البنات. ومع ذلك كانت مدارسه تعلم بالاضافة إلى جانب الدين والشريعة الإسلامية السمحة مختلف العلوم العصرية واللغات الاجنبية لحاجة ابناء عصره لها تطبيقاً لفهمه العميق لكلمة جدّه الإمام اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : « نشّـئوا أبناءكم على غيرما نشأتم، فإنهم مولودون لزمن غير زمانكم ».

موقفه من الاستعمار الفرنسي:

ما أن وضعت الحرب العالمية الاولى أوزارها وأصبحت دمشق تحت الأنتداب الفرنسي حتى بدأت معركته الأولى وجهاده الاكبر مع حكومات الاحتلال الفرنسي التي كانت تدعوه إلى قبول مبدأ الطائفية في سوريا وشق عصا المسلمين إلى شطرين مهددة تارة، وملوّحة بالمال والمناصب الرفيعة تارة أخرى.

فلم تلن له قناة ولن يغري المال تلك النفس الكبيرة التي عرفت أن سرّ العظمة في العطاء لا في الاخذ، وكيف يستطيع المنصب الديني الكبير الذي لوّح به المفوّض السامي الفرنسي أن يثنيه عن هدفه الذي نشأ وترعرع عليه، فكانت كلمته في جميع مواقفه « إنما المؤمنون أخوة » إضافة إلى الاستنكار والرفض لأنه يؤمن بأنه موظف عند ربه يؤدي رسالته كما أمر بها لوجهه تعالى فلا يقبل أن يكون موظفاً عند المفوّض الفرنسي يأتمر بأمره ويتحرك بإشارته.

مؤلفاته:

له مؤلفات كثيرة تتجاوز السبعة والخمسين مؤلفاً موزعة في العقيدة والتاريخ والحديث والمنطق والاصول والفقه والنحو والصرف، كما أن له ردود مختلفة وكتب في الرحلات. وفيما يأتي بعض مؤلفاته:
1 ـ اعيان الشيعة: وهو أهمها .
2 ـ نقض الوشيعة: في الرد على كتاب الوشيعة لموسى جارالله.
3 ـ تاريخ جبل عامل.
4 ـ لواعج الاشجان.
5 ـ أصدق الاخبار في قضية الاخذ بالثار.
6 ـ البحر الزاخر في شرح أحاديث الأئمة الاطهار.
7 ـ شرح ايساغوجي / في المنطق.
8 ـ حذف الفضول عن علم الاصول.
9 ـ الدر المنظم في مسألة تقليد الاعلم.
10 ـ كشف الغامض في أحكام الفرائض ( في جزئين ).
11 ـ حواشي العروة الوثقى ( لعمل مقلديه ).
12 ـ الدروس الدينية ( تسعة أجزاء ).
13 ـ شرح التبصرة.
14 ـ الدر الثمين في أهم ما يجب معرفته على المسلمين.
15 ـ الدرة البهية في تطبيق الموازين الشرعية على العرفية.
16 ـ صفوة الصفوة / في علم النحو.
17 ـ الاجرومية الجديدة.
18 ـ المنيف في علم التصريف.
19 ـ كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبدالوهاب.
20 ـ معادن الجواهر ( ثلاثة أجزاء ).
21 ـ مفتاح الجنان ( ثلاثة أجزاء ).
22 ـ الامالي.
23 ـ الصحيفة الخامسة السجادية.
24 ـ الدرر المنتقاة لأجل المحفوظات ( ستة اجزاء ).
وغيرها كثير.

وفاته:

توفي منتصف ليلة الاحد 4 / رجب / 1371 هـ الموافق 30 / 3 / 1952م، فنعته الاذاعة اللبنانية أولاً، ثم تجاوبت بنعيه سائر اذاعات العالم العربي والإسلامي. وأقيمت المآتم ومجالس الفاتحة على روحه في مختلف العواصم والمدن العربية والإسلامية وحضرت تشييع جنازته ـ من بيروت إلى دمشق ومن دمشق إلى مقام السيدة زينب ـ مواكب حاشدة من الشخصيات ومختلف طبقات الشعب، فدفن بجوار السيدة زينب إلى جانب دواته و أقلامه.

وقد أقيمت الماتم ومجالس الفاتحة على روحه في مختلف العواصم والمدن العربية والإسلامية ورثته الشعراء بقصائد وكلمات خلدت أعماله وتراثه الخالد.