آية اللّه العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره )
(1306-1390هـ)

ولادته و نشاته :

ولد في عام 1306 هـ في عائلة متدينة معروفة بالعلم والصلاح والتقوى. كـان جده السيد مهدي الحكيم من مدرسي علم الاخلاق المعروفين في زمانه, وأمه حفيدة العلامة الشيخ عبد النبي الكاظمي صاحب كتاب تكملة الرجال .
وكان احـد اجـداد هذه العائلة وهو السيد علي الحكيم طبيبا مشهورا ومنذ ذلك الزمان اكتسبت العائلة لقب (الحكيم) بمعنى الطبيب , و اصبح لقبا مشهورا لها .

دراسته :

انهى دراسته الابتدائية ودراسة المقدمات, ثم شرع بدراسة السطوح العالية عند اساتذة عصره , ولما بلغ عمره عشرين سنة؛ تتلمذ على يد الايات العظام التالية اسماؤهم :
(1) السيد محمد كاظم اليزدي .
(2) الشيخ محمد كاظم الخراساني .
(3) آية اللّه ضياء الدين العراقي .
(4) آية اللّه ابي تراب الخونساري .
(5) الشيخ محمد حسين النائيني .
(6) السيد محمد سعيد الحبوبي.
(7) الشيخ علي باقر الجواهري.

تدريسه :

في عام 1333 هـ شرع بتدريس السطوح, وفي عام 1337 هـ بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه والاصول, وقد تخرج على يديه عشرات الطلاب نذكر, منهم:
(1) الشهيد السيد اسد اللّه المدني .
(2) الشهيد السيد محمد باقر الصدر.
(3) الشيخ وحيد الخراساني .
(4) الشيخ احمد فياض السدهي .
(5) الشيخ محمد مهدي شمس الدين .
(6) الشيخ حسين مشكوري .
(7) الشيخ حسن البهبهاني.
(8) السيد يوسف الحكيم.
(9) السيد محمد مهدي الموسوي الخلخالي.

صفاته واخلاقه :

تـحـدث الشهيد السيد محمد علي القاضي الطباطبائي عنه وقال: لم يحدث الفقيد الحكيم نفسه بالرياسة يوما من الايام, لكني وجدت الزعامة والرياسة هي التي وجدته لائقا وجديرا بها, وقد نقل لي احد مقربيه بانه لم ير السيد يوما يضحك بصوت عال, وفي اشد الاحوال التي تدعو الى الضحك وجدته مـبـتـسـمـا لا اكثر, بالاضافة الى ذلك كان رجلا فريدا من نوعه بالشجاعة في تلك الايام لا يهاب الرؤساء والسلاطين ولايتردد في اصدار الفتاوى .

و يمكن ايجاز صفاته الاخرى التي تميز بها بما يأتي :

- كـان الـسـيد رحمه اللّه سمحا عطوفا يعامل الاخرين بلطف, ولهذا اصبح محبوبا ومهابا من قبل الجميع .

- كان شديد التواضع, ولاعجب ان يجد التواضع الى تلك الروح الواسعة سبيلا.

- عدم اعتماده في تامين اموره المعاشية على ما يحصل عليه من الاموال الشرعية، بل كان يعتمد على الهدايا الخاصة التي كان يرسلها اليه مقلدوه، اذ كانوا يعلمون ان السيد الحكيم لا يصرف على احتياجاته الشخصية من الاموال الشرعية .

- كـان له برنامج دقيق جدا لحياته اليومية, فهو لايفرط بالوقت, ومن عاش معه من الطلبة في النجف الاشرف يعرف جيدا متى يذهب لمواجهته وفي اي ساعة .

- وكـان له اهتمام كبير باحياء مناسبات اهل البيت (عليهم السلام ), وبالخصوص احياء مـجالس عزاء الامام الحسين (عليه السلام ), اضافة الى قيامه بالعبادات المستحبة مثل النوافل اليومية والتهجد بالليل وغير ذلك .

خدماته :

من اهم المشاريع التي اولاها السيد الحكيم اهتمامه الخاص هو تأسيس المكتبات العامة في انحاء العراق كافة, لنشر الثقافة الاسلامية وتوعية الشباب المسلم وحمايته من الانحراف، والانجراف وراء الافـكار الهدامة التي كانت ناشطة ومنتشرة آنذاك.
وقد بلغ عدد تلك المكتبات اكثر من 70 مكتبة, وكان اكبرها مكتبة الامام الحكيم العامة في النجف الاشرف, التي كانت تحتوي على 30000 كتاب مطبوع, وحوالي 5000 نسخة خطية .

امـا عـن خـدمـاتـه الـجليلة الاخرى فتتمثل في بناء المساجد والتكايا والحسينيات, وتأسيس الـمراكز الثقافية الاسلامية في نقاط مختلفة من العراق, وقيامه بطبع الكتب الاسلامية وارسالها الـى انـحاء مختلفة من العالم, مضافا الى تأسيس المدارس العلمية لطلبة العلوم الدينية, نذكر لكم اهم تلك المدارس :
(1) المدرسة العلمية في مدينة الحلة .
(2) المدرسة العلمية في النجف الاشرف .
(3) مدرسة الافغانيين والتبتيين .
(4) مدرسة شريف العلماء بكربلاء المقدسة .
(5) مدرسة السيد اليزدي في النجف الاشرف .
(6) مدرسة دارالحكمة في النجف.

و من الخدمات الجليلة التي قدمها السيد الحكيم الى الحوزة في النجف الاشرف قيامه باغناء دروس الحوزة بادخال مواد دراسية جديدة مثل :التفسير و الاقتصاد و الفلسفة و العقائد , كما شجع الطلاب العلوم الدينية على التأليف , و اشرف على المجلات الاسلامية التى كانت تصدر أنذالك مثل : الاضواء , رسالة الاسلام , النجف .

و لـه مشاريع خدمية مختلفة اخرى خارج العراق, مثل بناء المساجد في لبنان وسورية وباكستان وافغانستان والمدينة المنورة وجعلها مراكز دينية لاجراء العبادات, واقامة الاحتفالات, ونشر الافـكـار الاسـلامـيـة, وتوضيح المسائل والاحكام الشرعية, وتوضيح ونشر افكار آل البيت (ع).

مواقفه السياسية :

كـان السيد الحكيم منذ ايام شبابه رافضا للظالمين واعداء الدين, وقد شارك بنفسه في التصدي للاحتلال البريطاني الغاشم للعراق, حيث كان مسؤولا عن المجموعة المجاهدة في منطقة (الشعيبة) في جنوب العراق, وكان يعلم بالنوايا الخبيثة للاستعمارعندما اخذ يتبع سياسة (فرّق تسد )في العراق .

وعندما اخذ الحكام المرتبطون بالاجنبي بـتـرويـج افـكـار القومية العربية في العراق؛ قام السيد بالتصدي لتلك الافكار, وقاوم كل اشكال التعصب والتمييز الطائفي والعرقي في العراق, وخير شاهد على ذلك اصداره الفتوى المعروفة بحرمة مقاتلة الاكراد في شمال العراق, لانهم مسلمون, تجمعهم مع العرب روابط الاخوة والدين .

و عندما روّج الشيوعيون في العراق لافكارهم الالحادية, أصدر السيد الحكيم فتواه المشهورة: (الشيوعية كفر و الحاد) , مما اضطر رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الى ابعادهم عن الساحة السياسية.

ومـن مواقفه السياسية الاخرى دعمه لحركات التحرر في العالم الاسلامي, وعلى راسها حركة تحرير فلسطين, واصدر بهذا الخصوص العديد من البيانات التي تشجب العدوان الصهيوني, وتؤكد عـلـى ضـرورة الـوحدة الاسلامية, لغرض تحقيق الهدف الاسمى, وهو تحرير القدس من ايدي الصهانية المعتدين .

دوره في حركة النهضة الاسلامية في ايران :

يمكن القول بحق ان السيد الحكيم كان من اكبر المدافعين عن النهضة الاسلامية في ايران منذ بدايتها على ايدي علماء الدين، إثر صدور اللائحة القانونية لانتخابات المجالس العامة والمحلية, التي استنكرها الـسـيـد الـحـكـيم ببرقية ارسلها الى آية اللّه البهبهاني, مطالبا علماء الحوزة العلمية ابلاغ النظام الشاهنشاهي بالامتناع عن اصدار هكذا قوانين, لا تنسجم مع الاسلام ولا مع المذهب الشيعي.

كما اصدر برقية اخرى بمناسبة هجوم عملاء نظام الشاه على المدرسة الفيضية في مدينة قم المقدسة, طـلب فيها من العلماء الهجرة الى النجف الاشرف, كما استنكر سياسة القمع والإرهاب التي تعرض لـهـا الـمـؤمنون بعد انتفاضة 15 خرداد (1963 م )التي فجرها الامام الخميني, وكذلك فانه انذر نظام الشاه عـنـدمـا اراد تـنـفيذ حكم الاعدام بمجموعة كبيرة من افراد الحركة الاسلامية الذين كانوا في سجون الشاه .

مؤلفاته :

من هذه المؤلفات نذكر :
(1) مستمسك العروة الوثقى .
(2) نهج الفقاهة .
(3) حقائق الاصول .
(4) منهاج الصالحين (رسالته العملية).
(5) منهاج الناسكين .
(6) شرح التبصرة .
(7) دليل الناسك .
(8) تعليقة على العروة الوثقى .
(9) تحرير المنهاج .
(10) مختصر منهاج الصالحين .
(11) حاشية على كتاب الدر الثمين .
(12) حاشية على الرسالة الصلاتية .
(13) شرح كتاب المراح (فى علم الصرف ).
(14) شرح تشريح الافلاك .
(15) رسالة في سجدة السهو.
(16) رسالة مختصرة في علم الدراية .
(17) رسالة في بعض المسائل المتفرقة في الصلاة .
(18) حواش على نجاة العباد.
(19) تعليقة على كتاب رياض المسائل .
(20) حواش على تقريرات الخونساري .

وفاته :

انتقل الى رحمة اللّه بعد عمر طويل, قضاه بالجهاد في سبيل اللّه واعلاء كلمة الاسلام بشكل عام والمذهب الشيعي بشكل خاص, في 27 / ربيع الاول / 1390 هـ.
واستغرق تشييعه من بغداد الـى النجف الاشرف مدة يومين بموكب مهيب، حضره مئات الالاف من المؤمنين, حتى كاد ان يتحول ذلك التشييع الى انتفاضة صارخة ضد النظام البعثي في العراق, وتم دفنه في مقبرة خاصة الى جوار مكتبته في مدينة النجف الاشرف .