هيبة الامام السجاد (عليه السلام) ومنزلته العظيمة

لقد كان (ع) مهاباً جليلاً بين الناس بشكل كبير، حتى أن هذه المنزلة العظيمة جعلت الأمراء والحكّام يحسدونه عليها، والتأريخ يذكر لذلك شواهد كثيرة ومتعدّدة، ومن ذلك:

لمّا حجّ هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة اجتهد أن يستلم الحجر الأسود فلم يقدر على ذلك من شدّة الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه ، وأطاف به أهل الشام، فبينما هو كذلك إذ أقبل عليّ بن الحسين(ع) وعليه إزار ورداء، من أحسن الsناس وجهاً وأطيبهم رائحة بين عينيه ثفنة السجود، فجعل يطوف فلمّا بلغ موضع الحجر مال عنه الناس وتنحّوا حتى يستلمه هيبة له، فقال شاميّ: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال:لا أعرفه (لئلاّ يرغب فيه أهل الشام)، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكنّي أنا أعرفه، فقال الشاميّ: من هو يا أبا فراس؟ فأنشد قصيدته المشهورة: التي منها :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحِل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلّهمهذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
يكاد يمسكه عرفان راحتهركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياءً ويغضى من مهابتهفما يكلّم إلا حين يبتسم
إذا رأته قريش قال قائلهاإلى مكارم هذا ينتهي الكرم
إن عدّ أهل التُّقى كانوا أئمّتهم او قيل من خير الأرض قيل هم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهلهبجدّه أنبياء الله قد خّتموا
وليس قولك من هذا بظائرهالعُرب تعرف من أنكرت والعجم

إلى آخر القصيدة التي حفظتها الأمّة وشطـّرها جماعة من الشعراء.

فغضب هشام ومنع جائزته وقال: ألا قلت فينا مثلها؟ قال: هات جدّاً كجدّه، وأباً كأبيه، وأمّاً كأمّه حتى أقول فيكم مثلها، فثقل ذلك على هشام فأمر بحبسه، فحبسوه.

فبلغ ذلك عليّ بن الحسين (ع) فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال: «اعذرنا ياأبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به»، فردّها وقال: ياابن رسول الله، ما قلت الذي قلت إلاّ غضباً لله ولرسوله، وما كنت لأرزأ عليه شيئاً، فردّها الإمام إليه وقال: «بحقـّي عليك لمّا قبلتها، فقد رأى الله مكانك وعلم نيّتك»، فقبلها.

فجعل الفرزق يهجو هشاماً وهو في الحبس، فكان ممّا هجاه:

أيحبسني بين المدينة والتيإليها قلوب الناس يهوي منيبها
يقلّب رأساً لم يكن رأس سيّدوعيناً له حولاء بادٍ عيوبها

فأخبر هشام بذلك فأطلقه..