موقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع

جاء موسم الحج من السنة العاشرة للهجرة، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس إلى الحج، واعلمهم انّه عازم على اداء الفريضة في عامه ذاك، فاجتمع إليه الناس من كل حدب وصوب، من أنحاء الجزيرة كلها، حتى تكاملوا مائة ألف أو يزيدون، فتوجّه بهم (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت الله الحرام .

وعلى مقربة من مكة التحق امير المؤمنين (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليؤدي مناسك الحج معه لأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قد أرسله إلى اليمن في مهمة.

ودخل المسلون مكة المكرمة في الثالث من ذي الحجة من تلك السنة بقيادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأدّوا مناسكهم، حتى اذا توجهوا إلى عرفة، وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على راحلته وألقى خطبته الشهيرة، في ذلك الجمع الهائل، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال:

« أوصيكم عباد الله بتقوى الله .. أما بعد أيّها الناس، اسمعوا مني، ما أبين لكم، فاني لا أدري لَعَلّي لا ألقاكم، بعد عامي هذا ، في موقفي هذا.

أيها الناس ان دماء كم واعراضكم عليكم حرام، إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد.

أيها الناس: ان لنسائكم عليكم حقاً … فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً.

أيّها الناس (انما المؤمنون اخوة)، ولا يحلّ لمؤمن مال أخيه، إلا عن طيب نفس منه، ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد. فلا تَرجَعُنَّ كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.

أيها الناس: إن ربكم واحد وان أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب: ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم) وليس لعربيّ على عجميّ فضل إلا بالتقوى ، ألا هل بلغت؟

قالوا: نعم.

قال: فليبلغ الشاهد الغائب .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسميت تلك الحجة بـ ( حجة الوداع )، لأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعد حوالي ثلاثة أشهر، انتقل إلى الرفييق الاعلى، في المدينة المنورة.