سيرة الامام العسكري (عليه السلام) ومناقبه
نكتفي في هذا المجال بنقل خلاصة ما قاله فيه أحد خصومه حيث يقول: ما رأيت ولا عرفت من العلوية مثل الحسن العسكري ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم، وما سألت أحداً من خاصته أومن سائر الناس إلاّ وجدته عندهم في غاية الإجلال والإعظام، ولم أرَ له ولياً ولا عدواً إلاّ وهويُحسن القول فيه والثناء عليه.
وبهذه المناسبة سنتطرق الى اهم مناقبه وفضائله (عليه السلام):
1 ـ علمه:
عاش الامام العسكري (عليه السلام) في القرن الثالث الهجري وهوقرن كانت المدارس الفكرية قد اكتملت فيه شخصيتها، خصوصاً في مجال الفقه ومذاهبه والتفسير والكلام واصول الفقه والفلسفة والحديث وغيرها.
وقد تحددت معالم مدرسة أهل البيت (ع) من خلال النشاطات العلميّة للإمام العسكري (ع) إذ قام (عليه السلام) باعداد ثلة من الرواة والتلاميذ، وما قام به من مراسلات ومحاورات واجوبة على المسائل المختلفة، وما روى من أحاديث، وبث من علوم ومعارف، فقد نقلت عنه (عليه السلام) ذلك كتب الاحاديث والتفسير والمناظرة وعلم الكلام وغيرها.
2 ـ عبادته:
لا شك أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هم قدوة الامة في العبادة والإخلاص لله عزّوجلّ، وواضح ان من أبرز العناصر المقومة للإمامة هوعنصر الإخلاص لله سبحانه والتعلق به دون سواه، وإن من أبرز معالم هذا الإخلاص والعبودية لله في حياة البشرية هوالعبادة والتسليم لإمر الله سبحانه.
وقد ورد في كثير من الروايات التي وصلتنا انها تتحدث عن عبادة الامام العسكري (ع) كما تحدثت عن عبادة آبائه (عليهم السلام)، ومن أهمها: الروايات التي تحدثت عن عبادته (عليه السلام) وكيفية تعلقه بالله عزّوجلّ حتى عندما كان في السجن.
وفي الحقيقة ان هذه الصورة تعيد الى الاذهان صورة جدّه الامام موسى بن جعفر (ع) عندما كان في سجن هارون الرشيد وهويقول: (إني دعوت الله أن يفرغني للعبادة ففعل). وقد روى عن الامام العسكري (ع) عندما أودع السجن أيام الحكم العباسي أنّه كان يصوم نهاره ويقوم ليله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير عبادة الله سبحانه.
3 ـ الهيبة والعظمة في قلوب الناس:
كان (عليه السلام) كآبائه الكرام علماً لا يخفى، وإماماً لا يجهله أحد من أهل عصره، فكان استاذ العلماء، وقدوة العابدين، وزعيم السياسة، يُشار إليه بالبنان، وتهفوإليه النفوس بالحب والولاء، ففرض نفسه حتى على حكّام عصره وخصومه. فهذا أحد مخالفيه يصف جانباً من مكانة الامام ومقامه الاجتماعي ومدى تعلق الناس به واحترامهم له اذ يقول: عندما ذاع خبر وفاة الامام (ع) حدثت ضجة في سامراء وعطّلت الأسواق وتوجّه الناس بمختلف طبقاتهم الى مكان الجنازة وكأن القيامة قد قامت في المدينة.