الصفحة الماضية

مقدّمة

الصفحة الآتیة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

«إنّ المراتب المعنوية للحجّ ـ والتي هي الذخيرة للحياة الأبديّة ، وسبب قرب الإنسان إلى التوحيد والتنزيه ـ لا تحصل إلاّ باتّباع تعاليم الحجّ العباديّة بشكل صحيح ودقيق» .

الإمام الخميني(قدس سره)

الحجّ استعراض عظيم لنجاة الانسان الموحّد من جميع القيود سوى قيد العبوديّة لله سبحانه وتعالى ، وساحة لجهاد النفس ، ومظهر رائع للعشق والإيثار والمعرفة والاحساس بالمسؤوليّة ، على صعيد الحياة الفرديّة والاجتماعيّة . فالحجّ تبلور لجميع القيم الإسلاميّة .

لكن مع ما نجده من معرفة قديمة من المؤمنين بهذه العبادة الإلهيّة ، ووفودهم في كلّ عام لحجّ البيت ، وجلاءِ صدأ قلوبهم بنور التوحيد ، وتجديدِ العهد والميثاق مع الحبيب والمعبود ، ومع ما نجده في تراثنا من ثروة غنيّة لبيان التعاليم التربويّة للحجّ ، نجد أنّ أبعاداً كثيرة لهذه العبادة لا زالت مهجورة وغير معروفة .

وبانتصار الثورة الإسلاميّة في إيران واستنارة أفكار الإمام الخميني(قدس سره) الوضاءة ، احتلّ الحجّ - كغيره من العبادات والأحكام الإسلامية - موقعه الحقيقي، وظهرت صورته الواقعيّة ، وبرز غنيّ محتواه .

بيد أنّ الطريق طويلٌ بعدُ لمعرفة فلسفة الحجّ بأبعاده المختلفة ، وآثاره وبركاته المتنوّعة ، ليضع الحجّاج أقدامهم عن معرفة في تلك المواقف الكريمة ، والمشاهد العظيمة ، التي هي مهبط الملائكة المقرّبين ، وموقف الأنبياء والمرسلين ، صلوات الله عليهم أجمعين .

فلأجل تحقيق هذا الهدف العظيم قامت ممثّليّة قائد الثورة الإسلامية السيّد علي الخامنة اي - مستنيرة بتعاليم محيي الحجّ الإبراهيمي الإمام الخميني(قدس سره) ، وبالاستعانة بإرشادات قائد الثورة - بتأسيس معاونيّة التحقيق والتعليم ; كي تفتح سجلاًّ جديداً أمام علماء المسلمين ، والراغبين في التعرّف على ثقافة الحجّ ، والحجّاج والمتشرّفين لزيارة الحرمين الشريفين . ومن هنا فقد شرعت طريقها بالخوض في ساحة التأليف والتحقيق والترجمة للآثار المختلفة التي تحوم حول :     1-  بيان معارف وحقائق الحجّ . 2- التعريف بالأماكن المقدّسة . 3- بيان تاريخ الشخصيّات الإسلاميّة البارزة . 4- تحليل الحوادث المختلفة . 5- ما يتعلّق ببيان الذكريات . 6- بيان مسائل الحجّ وآدابه .

الذي بين يديك ـ  أيّها القارئ العزيز  ـ صفحة وضاءة من هذا السجلّ الميمون .

ولا ريب أنّ توجيه وإرشاد وتعاطف الخبراء يوجب الحدّ من نقاط الضعف الموجودة ، ومن هنا فإنّ معاونيّة التحقيق والتعليم في بعثة قائد الثورة الإسلامية ترحّب بجميع من يرغب بالتعاون معها في هذا المجال . ومن الله التوفيق .

معاونيّة التحقيق والتعليم   

في بعثة قائد الثورة الإسلامية


 

 

مقدّمة

المطّلع على الظروف الحاكمة على العالم الإسلامي يعلم جيّداً أنّ الاُمّة الإسلامية العزيزة ـ في يومنا هذا ـ تحوّلت إلى اُمم متعدّدة ، و أخذت كلّ اُمّة منها تنحو نحواً وتسير سيرة خاصّة . وبهذا انتهت النتيجة إلى أن يتسلّط الآخرون ـ الذين سيادتهم رهينة بوجود الخلاف والفرقة ـ على زمام اُمور المسلمين ، ولهذا فقد كرّسوا جهودهم في هذا المضمار ، وعبّؤوا إمكاناتهم المختلفة للانتفاع بكلّ ما يوصلهم الى هذا الهدف .

الأمر الذي لا ريب فيه هو وجود خلافات بين الطوائف الإسلامية في جملة من المسائل ، لكن جملة منها كلاميّة ، والمؤسّس لها علماء الكلام ، ولذا فإنّ عموم المسلمين لا علم لهم بتفاصيلها . وفي قبال هذه المسائل الخلافيّة توجد مجموعة محاور مشتركة تضمّ جميع المسلمين ، بل هي أكثر من نقاط الاختلاف بينهم . بيد أنّ مشيعي الفُرقة يسلّطون الأضواء على نقاط الخلاف دوماً ، ولا يتطرّقون للمحاور المشتركة بينهم في اُصول الدين وفروعه .

وفي أحد مؤتمرات التقريب بين المذاهب الاسلاميّة أُوكل إليّ بيان الآراء الفقهيّة المتعلّقة بـ ( النكاح ، والطلاق ، والإرث ، و... ) ، فقدّمت رسالة أثارت إعجاب المشاركين في المؤتمر ، حيث أظهرت وبيّنت اتّفاق الشيعة والمذاهب الإسلامية الأربعة في أكثر مسائل هذه الأبواب الثلاث ، في الوقت الذي كانت دعوى اتّفاقهم في هذه المسائل غير مقبولة قبل مطالعة هذه الرسالة .

فالذين يفرّقون بين المسلمين ويصفون الشيعة بالفرقة المقطوعة والمفصولة عن بقيّة الفرق الإسلاميّة ، ويبثّون أقاويلهم في وسائل الإعلام المختلفة صباحاً ومساءً ضدّ هذه الفرقة المظلومة على مرّ العصور ، لا يقدّمون خدمة إلاّ لعدوّنا المشترك . و أنا ـ بدَوري ـ أنصح هؤلاء بإزالة أستار الغفلة وذلك بتقوية الروابط مع الشيعة ، والاتّصال بعلمائهم ومفكّريهم ، ومعاملتهم معاملة الإخوةِ ، كي يطبّقوا ويحقّقوا مفاد الآية الكريمة : ) إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [1] .

ومن الأساليب التي نهجها الاستعمار إلقاءُ الشُّبَه والإكثار من الإشكالات ، كيما يضرّ ويؤثّر بذلك على الثورة الإسلاميّة المباركة ، وهذا الاُسلوب له قدم تاريخي ، لكنّه في القرون الأخيرة أخذ صوراً مختلفة في الشرق الأوسط والمناطق الاُخرى .

وفي موسم الحجّ يتعرّف الكثير من الحجّاج الأعزّاء على الثورة الإسلاميّة ، وعند لقائهم بالحجّاج الإيرانيّين يطرحون أسئلة وشبهات ألقتها وسائل الإعلام المعادية ويطلبون الجواب عنها . فلأجل تلبية هذه الحاجة جمعت أكثر هذه الأسئلة ـ والتي تطفح عليها الصبغة الدينيّة والثقافيّة ـ في هذا الكتاب للإجابة عنها . وقد تحمّل فضيلة السيّد رضا حسيني نسب ـ وبإشرافي عليه ـ أعباء الجواب عن ذلك ، فأوضح الأجوبة بما تسنح به الفرصة . ورعاية للاختصار اكتفى بالمقدار الضروري من ذلك ، و أما التفصيل فموكول الى وقت آخر .

على أمل أن تكون هذه الخدمة اليسيرة مقبولة ومرضيّة عند إمام زماننا أرواحنا فداه .

قم ـ الحوزة العلميّة         

جعفر السبحاني  1 / 9 / 1374


 


[1]  الأنبياء : 92 .

عنوان الکتاب